"الحيوان المشعر": هكذا واجهت تعرضي للتنمر

سارة السيدة شابة مصرية أسترالية تروي قصة تعرضها للتنمر في سنوات المدرسة وكيف لم يكن أمامها خيار سو تقبله من زميلاتها في الفصل.

سارة السيدة شابة مصرية أسترالية تروي قصة تعرضها للتنمر في سنوات المدرسة وكيف لم يكن أمامها خيار سو تقبله من زميلاتها في الفصل. Source: Supplied

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

سارة السيد كانت تحلم بأن تصبح جزءا من فريق الايروبكس أو التمارين الرياضية الراقصة في المدرسة عندما كانت تبلغ من العمر 12 سنة. لكن التحديات التي واجهتها كانت أكبر من مجرد نجاحها في اختبارات الاداء. اذ واجهت تحديات معقدة بالنسبة لطفلة تحمل هوية مختلطة، وبشرة داكنة، تسعى لأن تكون جزءا بسيطا، عاديا، ومقبولا خصوصا من بين زميلاتها في الفصل.


استمعوا إلى قصة سارة السيد بالضغط على الرابط الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.

أو عبر منصات البودكاست المفضلة لديكم هنا

سارة السيد، أسترالية من أصول مصرية، واجهت تحديات معقدة بالنسبة لطفلة تحمل هوية مختلطة، وبشرة داكنة، رغم أن كل حلمها كان أن تصبح جزءا بسيطا وعاديا ومقبولا بين زميلاتها في الدراسة.

في عمر الثانية عشر، بدأت سارة تتعلق بفريق الأيروبكس في مدرستها. هذا الفريق الرياضي الذي يؤدي حركات راقصة متزامنة كان بمثابة الحلم لسارة، حيث ظنت أن اختبارات الأداء للالتحاق بالفريق هي فقط ما يقف بينها وبين تحقيق هذا الحلم، لكنها اكتشفت أن الأمر لم يكن بهذه السهولة.

هاجرت سارة مع عائلتها من مصر، والتحقت بالمدرسة الابتدائية في ولاية كوينزلاند، وهناك خطفها فريق الأيروبكس في المدرسة: "لم يكن لدينا هذا النوع من الرياضات في مدرستي في مصر بل كان لدينا الباليه. اشتركت فيه لكني كرهته. لم أكن حساسة بما فيه الكفاية لأرقص الباليه."
Sara El Sayed
Sara El Sayed Source: Supplied
"ولكني أحببت كل شيء في الأيروبكس، حيث كنت أرغب في ارتداء الزي المخصص له، التنورة الزرقاء والبيضاء المطرزة والجوارب التي تجعل  الساقين أغمق بثلاثة ظلال من بقية الجسم وارتداء حذاء الأميرة الرياضي من ماركة ريبوك." 

وبسبب خوفها من رفض والداها للأمر، أخذت سارة تخطط لأفضل طريقة لإخبارهما بعناية فائقة.

"إنه إلزامي"، همست بصوت منخفض، وهي تتمرن على الحوار في غرفة نومها. تتذكر سارة توترها في هذا الوقت: "كان عليّ أن أطور حجة مقنعة ليسمح لي والداي بالاشتراك."

"إنه جزء من اختبار في المدرسة. لا، لن يصدقوا هذا. قال لي أصدقائي إنه إذا لم أشارك فلن يكونوا أصدقائي بعد الآن، لا لن يصدقوا ذلك مطلقًا وحتى إن صدق والداي، فلن يهتموا."
استمع لمقتطفات من بودكاست الهوية

My Arab Identity بودكاست الهوية

كانت تخشى سارة رفض والديها لأن وجودها في الفريق يعني ارتداء هذا الزي الضيق الذي يكشف الساقين وأماكن أخرى من الجسد، وهو ما لن يوافق عليه والداها على الأرجح.

"لا أعتقد أنني أقنعتهم فعلا؛ لكننا توصلنا إلى حل وسط، وهو أن أجري اختبار تجارب الأداء للالتحاق بالفريق إذا ارتديت بنطالا أو شورتًا أسفل التنورة. لم يكن هذا الحل الأمثل بالنسبة لي، لكنني وافقت لأنني أردت أن أكون في الفريق."

كانت هذه الرياضة شعبية للغاية في مدرسة سارة. كل الفتيات المحبوبات في المدرسة كن مشتركات فيها، فأرادت شارة أن تنضم إليهن وتصبح واحدة منهن.

"كان الزي يشبه ملابس السباحة من قطعة واحدة. كنا نرتدي تحته جوارب، لكنها كانت بلون الجلد، وهذا يتعارض مع تحفظات أهلي."

"اشترت لي أمي زوجا من شورتات الدراجات لأرتديها تحت الزي. تخيلوا جذعي مغطى بالزي الأزرق اللامع وفخذاي مغطيان حتى الركبة بشورتات سوداء، ومن الركبتين حتى الكاحلين بجوارب بنية. اذا أزرق وأسود وبني – لا أعتقد أنني سأبدو جذابة هكذا!"

وللهروب من هذا الإحراج كانت سارة تخلع هذا الشورت بمجرد رحيل والدتها:
آسفة يا أمي لقد كان هذا السروال محرجا للغاية!
كانت ترغب سارة أن تصبح واحدة من الفتيات المحبوبات في المدرسة، لكنها بدلا عن ذلك تعرضت للتنمر: "كان الزي الخاص بالأيروبكس يكشف ظهري وبالتالي كان يظهر الشعر الذي املكه على جسمي والذي لم اتمكن من إخفائه."

بدأت معاناة سارة مع التنمر من قبل زميلاتها في المدرسة، حيث كانت تتعرض للمضايقات بسبب الشعر وبسبب لون بشرتها السمراء، وينعتونها بأسماء مهينة مثل: "حيوان الماموث المشعر."

أثر التنمر على سارة كثيرا، حيث كان يجعلها تشعر بالخجل من نفسها، ولم ترى أنها تتعرض لنوع من أنواع الظلم ما جعلها تخفي ما تتعرض له عن أهلها وعن كل الناس.

"كان والداي يعانون من التمييز أيضًا، وأعتقد أنني رأيت ما أتعرض له باعتباره أمر طبيعي يجب علينا كمهاجرين التعرض له، لأننا لسنا من أصحاب البشرة البيضاء. بالطبع، كان يزعجني الأمر، لكني لم استطع الحديث مع والديّ عن الأمر، ولم أكن أتصور كيف يمكن أن يساعداني."

بدأت سارة بشراء مستحضرات التجميل دون علم والديها لإزالة الشعر من على ظهرها، حيث كانت تزيد تعليقات الفتيات من شعورها بالغربة والاختلاف. ولكن لم يكن هناك مستحضرات تجميل يمكنها تغيير لون البشرة، وكلما زادت تعليقات الفتيات في المدرسة كلما كرهت سارة مظهرها.
تعرف على بودكاست الهوية

بودكاست الهوية - My Arab Identity

كانت لا تزال طفلة ولا تعرف بالظبط ما يجب عليها فعله عندما تتعرض لمواقف كتلك، خاصة التي تتعلق بأمور لا يمكنك تغييرها في نفسك.

"أتمنى لو كنت أستطيع القول أنهن كن يشعرن بالغيرة من قدرتي على الرقص والمنافسة، ولكن لا، لم أكن موهوبة فيها."

مع الوقت كبرت سارة وكبر التنمر معها، وامتدت التعليقات السلبية من المظهر الخارجي إلى إهانات من نوع جديد.

"تغيرت النكات وتحولت إلى وصفي بالإرهابية."
Sara El Sayed
Sara El Sayed Source: Supplied
كان زملائها يسألونها إن كانت تحمل القنابل في حقيبتها أو تحت ملابسها. في البداية شعرت بحزن شديد، وفكرت أن تنفجر غضبا في وجه كل شخص يمزح معها بهذا الشكل ولكنها تراجعت خشية فقدان صداقة الجميع، ومع تكرار تلك المُزحات اضطرت  لتقبلها.

"تقبلت هذا المزاح وضحكت معهم وفي وجههم وتألمت بداخلي."

شعرت سارة أنها وحيدة وأخفت ألم حزنها لسنين خلال طفولتها، كانت تتمنى لو كان هناك أي شخص يدعمها ويدفع عنها الإساءة، لأنها وجدت صعوبة في مواجهة هذا الأمر وحدها.
Sara El Sayed
Sara El Sayed Source: Supplied
"كنت طفلة صغيرة  من جالية تعتبر أقلية في مجتمع الأغلبية البيضاء، وكان والداي يحاولان التمسك بقيمهم الثقافية قدر الامكان."

ومع مرور السنين، تعلمت سارة كيف تتعامل مع التنمر ورفض المجتمع لهويتها ومظهرها.

وتقدم رسالة نابعة من تجربتها الشخصية: "أود أن أقول للأهل حاولوا أن تفتحوا المجال لأطفالكم للحديث معكم من خلال بناء علاقة مبنية على التفاهم، ولا تغضبوا إن لم يتفهموا وجهات نظركم."

"وللأطفال أقول لا تخافوا من الشعور بالغضب عندما يسيء لكم الآخرون، لأن الشعور بالغضب أمر طبيعي في هذا الحالة."

سارة السيد مصرية المولد وكاتبة مستقلة وطالبة ماجستير في الفنون الجميلة ومقرها برزبن. ويُركز بحثها على توثيق قصص النساء المصريات المهاجرات عن طريق وسائل الاعلام الرقمية. وتستوحي أعمالها الخيالية والواقعية من ثقافتها وعائلتها وهويتها كمهاجرة.

هذه الحلقة التاسعة من بودكاست الهوية - My Arab Identity، الذي يحكي فيه شباب عرب أستراليون كيف يتعاملون مع التحديات التي تواجههم كحاملين لهوية مختلطة - عربية غربية. يمكنكم سماع باقي القصص وقراءتها .

استمعوا إلى قصة سارة السيد بالضغط على الرابط الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.

أو عبر منصات البودكاست المفضلة لديكم هنا

 


شارك