الاسلاموفوبيا تلاحق مسيحيا عربيا في كوينزلاد

Ryan Al-Natour

Ryan Al-Natour Source: Supplied

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

ريان الناطور شاب فلسطيني أسترالي عاش معظم سنين عمره في غرب مدينة سيدني التي تمتاز بتعدديتها الثقافية، لهذا لم يفكر يوما في تأثير معالم وجهه العربية على حياته. لكنه انتقل الى روكهامتن في كوينزلاند، ليكتشف أن شكله وثقافته العربية خلقت حواجز بينه وبين مجتمعه الجديد، الذي يتعامل معه بنمطية اللبناني المسلم، رغم أنه فلسطيني مسيحي.


استمعوا إلى قصة ريان الناطور بالضغط على الرابط الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.

أو عبر منصات البودكاست المفضلة لديكم هنا

ريان الناطور فلسطيني أسترالي عاش معظم سنين عمره في غرب مدينة سيدني التي تمتاز بتعدديتها الثقافية، لهذا لم يفكر يوما في تأثير هويته المختلطة ومعالم وجهه العربية على حياته. لكنه انتقل الى روكهامتن في كوينزلاند، ليكتشف أن شكله وثقافته العربية خلقت حواجز بينه وبين مجتمعه الجديد.

عندما كان ريان الناطور يزور كوينزلاند في طفولته في الأجازات، ويحلم بالانتقال والعيش فيها عندما يكبر، كانت بالنسبة له الجنة على الأرض.
Ryan Al Natour
Ryan Al-Natour as a child with his brother late father. Source: Supplied
ولد ريان في أستراليا وكبر في غرب مدينة سيدني التي تمتاز بتعدديتها الثقافية وجذبها العديد من المهاجرين العرب للاستقرار فيها.

حصل على شهادته الجامعية في العلوم الاجتماعية من جامعة نيو ساوث ويلز وشهادة الدكتوراه من جامعة غرب سيدني.

وفي عام 2015 تحقق حلمه، وحصل ريان على عقد عمل في ريف كوينزلاند، وأخذ قرار الانتقال إلى مدينة روكهامتن. القرار كلفه أسبوعا من القيادة على الطريق وعاما ونصف في مواجهة "العنصرية الصادمة" من سكان المدينة.
Ryan Al Natour
Ryan Al Natour as a child Source: Supplied
عدا عن جمال الطبيعة فيها، تعرف مدينة روكهامتن بجودة لحوم أبقارها. بعد أن اجتاز ريان علامة "مرحبًا بك في روكهامتن" والعديد من التماثيل العملاقة للثيران والأبقار في شوارعها، شعر بالجوع وقرر التوقف لتناول الغداء في أحد المطاعم على الطريق.

كان الشخص الوحيد في المطعم، وبحسب ريان فإنه تناول وقتها واحدة من ألذ شرائح اللحم في حياته.

هناك، سألته نادلة إن كان قد استمتع بوجبته؟

يتذكر ريان تلك المحادثة: "بدت وكأنها غاضبة أو منزعجة، شعرت بأجواء غريبة تحيط بتلك المحادثة دفعتني إلى أن أكون ودودًا معها، وشكرتها عدة مرات على الوجبة الرائعة."

"بدأنا دردشة حول الوجبات الأخرى الموجودة على لائحة الطعام مثل لحوم الكنغر والتماسيح وغيرها. لم أكن معتادًا على رؤية هذه الوجبات على لوائح الطعام في مطاعم غرب مدينة سيدني."
Ryan Al-Natour
Ryan Al-Natour Source: Supplied
بعد محادثة غنية بالمعلومات عن اللحوم وجودتها وأنواعها في المنطقة، توقفت النادلة لوهلة عن الكلام.

"نظرت بعيدًا وأخبرتني أنهم يحتفظون باللحوم الحلال في المطبخ، وقتها شعرت أنها ملحوظة خارج سياق الحديث." قلت لنفسي "لابد أنها تعتقد أنني مسلم."

"قلت لها، إذا كان تناول اللحم الحلال يمثل أولوية بالنسبة لي، لكنت سألتك عنه قبل أن أنهي شريحة اللحم التي قدمتها لي."
تحول صوت النادلة من ودود وغني بالمعلومات إلى صوت منزعج ذو طابع هجومي وقالت لي "لا يجب أن يكون لدينا لحوم حلال أصلا أو أن نغير لائحة الطعام التي نقدمها.
وأضافت بشكل ينهي الحديث "لما علينا تلبية تلك المتطلبات؟"

هذا الموقف حدث بعد أن وطأت قدمي ريان روكهامتن بساعتين.

أسبوعه الأول كان كفيلا في تشويه بعض ذكريات طفولته التي كانت مليئة بالتفاؤل والايجابية. قال ريان "كل يوم كنت أواجه العنصرية بجميع أشكالها وألوانها."

"كانت هذه فرصتي للعيش في مناخ أكثر دفئًا حيث يمكنني السباحة طوال العام، والاستمتاع بالحياة البرية والشواطئ الساحرة وتجنب دفع إيجار المنزل المبالغ فيه والابتعاد عن ازدحام الطرقات واكتظاظ السكان في سيدني."

ولكن كان من الصعب على ريان الحصول على عقد إيجار في روكهامبتون.
استمع لمقتطفات من بودكاست الهوية

My Arab Identity بودكاست الهوية

بعد تفكير في السبب، قرر تغيير اسمه إلى ريان سميث، ليكتشف أنه في روكهامبتون ريان سميث يمكن استئجار منزل بسهولة أكبر بكثير من ريان الناطور: "في أول مرة اتصلت فيها بوكيل عقاري لأستفسر عن إعلان وضعه المكتب لشقة شاغرة، وأخبرتهم أن اسمي "ريان الناطور"، أخبرني الوكيل "لا يوجد  لدينا منازل شاغرة."

بعدها اتصل ريان بهم وأخبرهم أن اسمه ريان سميث، فحصل على موعد لتفقد الشقة المعروضة.

هذه الحادثة تكررت خمس أو ست مرات بحسب ريان.

حصل ريان على المنزل أخير وذهب إلى عمله الجديد، ليكتشف هويته الجديدة، حيث بدأ زملائه يتعاملون معه باعتباره لبناني مسلم، رغم أنه في الحقيقة فلسطيني مسيحي.
لم يهمني أن يعتقد البعض أني لبناني مسلم، ولكن ما أزعجني هو إصرارهم على ذلك، حتى بعد أن أوضحت لهم الفوارق والاختلافات بين البلدان العربية، وأخبرتهم أني فلسطيني من رام الله.
Ryan Al Natour
Ryan Al Natour with Hazem El Masri, Lebanese-Australian former professional rugby league footballer. Source: Supplied
"بعد أسبوع من تلك المحادثة، قال لي زملائي التقينا بشخص لبناني مثلك." وكأن حديثه معهم لم يكن.

"ليس كل العرب مسلمين، هم لا يعرفون هذا، لا يعرفون أن النسبة الأكبر من العرب في أستراليا هم من المسيحيين وأن الدين المسيحي أصلا جاء من أرضنا في فلسطين."

وأضاف ريان:
هناك فرق بين الثقافة والدين، الثقافة في فلسطين ثقافة إسلامية، حتى أن بعض اسمائنا إسلامية.
"بالنسبة لهم الإسلام والمسيحية ضد بعضهم البعض، لكن الحقيقة أن المسلمين والمسيحين في فلسطين يعيشون على أرض واحدة في توافق وانسجام."

ما أحزن ريان وأتعبه بشكل يومي، هي الصورة التي رسمها الأشخاص من حوله عن العرب في مخيلتهم.

فبالنسبة لهم: "شكلهم واحد دينهم واحد وسلوكهم إرهابي."

وجد ريان نفسه مضطرا للدفاع عن العرب والمسلمين في مواقف عديدة في العمل، خصوصا عندما كانت أخبار الإرهاب تجتاح وسائل الاعلام.

"خلال هذه الأحداث المروعة، أخبرتني إحدى الفتيات من مجموعة كنت أمارس معهم رياضة تجديف القوارب الصغيرة أن:
كل الرجال المنحدرين من الشرق الأسط يعملون في السر لصالح داعش، وكان آخرون يسألونني أن كان لي أصدقاء ذهبوا إلى سوريا للالتحاق بصفوف داعش.
كان ريان بالنسبة لمن حوله الاسفنجة التي تمتص تساؤلات تنبع من جهل بالثقافة العربية وأخرى عن الاسلاموفوبيا.

"بدأت ألاحظ أن معظم سكان المدينة يتعاملون معي كما لو أنهم لم يروا في حياتهم عربيا من قبل وكأني أول عربي يروه في روكهامتن."

"كنت مصدر لاستجواب الناس من حولي عن الجرائم التي تحصل في سيدني وتذاع على التلفاز، كنت أحاول أن أشرح للذين يبدون اهتماما بمعرفة الحقائق، أنه في كل الأوطان والأماكن هناك أشخاص جيدون وسيئون."
Ryan Al Natour
Left to right: Randa Abdel-Fattah, Sara Saleh, Nokomi AchKar, Ryan Al-Natour. Source: Supplied
بعد عام ونصف في روكهامتن، قال ريان "كيف لي أن أعيش في هذه المدينة، هؤلاء الأشخاص يذكرونني كل يوم بأن هذا البلد ليس لي، كيف لأي شخص أن يعيش حياته الطبيعية في مثل هذا الوضع؟"

"العنصريون لا ينعتونا بأوصاف غير لائقة فحسب، بل يرغبون في تغيير هويتنا لنصبح كما يريدوننا أن نكون."

لكن تلك التجربة لم تدفع ريان لمحاولة التخلص من هويته العربية أو إخفاء جذوره الفلسطينية: "اقامتي في روكهامتن، أتاحت لي الفرصة للتعمق أكثر في ثقافتي الفلسطينية، والطبخ الفلسطيني. أحسست بأني أشتاق لاستخدام لغتي العربية، قربتني من أهلي وزادت من تواصلي مع أقاربي في جميع أنحاء العالم، للحديث عن قصص أجدادي وتاريخ أهلي في فلسطين."

"أنا أقول للشباب الذي يحمل هوية عربية أن علينا التمسك والاحتفاء بثقافتنا وهويتنا ولغتنا العربية في كل مكان، خصوصا نحن الفلسطينيون."

هذه الحلقة الثالثة وجزء من بودكاست الهوية - My Arab Identity، الذي يحكي فيه شباب عرب أستراليون كيف يتعاملون مع التحديات التي تواجههم كحاملين لهوية مختلطة - عربية غربية. يمكنكم سماع باقي القصص وقراءتها .

استمعوا إلى قصة ريان الناطور بالضغط على الرابط الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.

أو عبر منصات البودكاست المفضلة لديكم هنا

 


شارك